الأولين الذي حكا الله تعالى عنهم حيث قال سبحانه وتعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: آية3] فما وجه الفرق وأنى ذلك؟.
فإذا عرفت هذا فاعلم أن سؤال الله عز وجل دون خلقه هو المتعين، لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدر المسؤول على دفع الضر ونيل المطلوب وجلب المنافع ودفع المضار، لا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده، لأنه حقيقة العبادة.
وكان الإمام أحمد رحمه الله يدعو ويقول: "اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك، فصنه عن المسألة لغيرك، ولا يقدر على كشف الضر وجلب النفع سواك" كما قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس: 107] وقال: {مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِه} [فاطر 2] والله تعالى يحب أن يسأل ويرغب إليه في الحوائج، ويلح في سؤاله ودعائه، ويغضب على من لا يسأله، ويستدعي من عباده سؤله، وهو قادر على إعطاء خلقه كلهم سؤالهم من غير أن ينقص من ملكه شيء، والمخلوق بخلاف ذلك كله يكره أن يسأل، ويحب أن لا يسأل لعجزه وفقره وحاجته، ولهذا قال وهب بن منبه لرجل كان يأتي الملوك: "ويحك تأتي من يغلق عنك بابه، ويظهر لك فقره،