ويواري عنك غناه، وتدع من يفتح له بابه نصف الليل نصف النهار، ويظهر لك غناه، ويقول: ادعني استجب لك! " وقال طاووس لعطاء: "إياك أن تطلب حوائجك إلى من أغلق دونك بابه، ويجعل دونها حجابه، وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أمرك أن تسأله، ووعدك أن يجيبك"، وأما الاستعانة بالله عز وجل دون غيره من الخلق، فلأن العبد عاجز عن الاستقلال بجلب مصالحه ودفع مضاره، ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل، فمن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله فهو المخذول، وهذا تحقيق معنى قول "لا حول ولا قوة إلا بالله" فإن المعنى لا تحول للعبد من حال إلى حال، ولا قوة له على ذلك إلا بالله، وهذه كلمة عظيمة، وهي كنز من كنوز الجنة، فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات، وترك المحظورات، والصبر على المقدورات كلها في الدنيا وعند الموت وبعده من أهوال البرزخ ويوم القيامة، ولا يقدر على ذلك إلا الله عز وجل، فمن حقق الاستعانة عليه في ذلك كله أعانه، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز" ومن ترك الاستعانة بالله واستعان بغيره وكله الله إلى من استعان به فصار مخذولا. كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز "لا تستعن بغير الله فيكلك الله إليه" ومن كلام بعض السلف: "يا رب عجبت لمن يعرفك كيف يستعين لغيرك؟ " انتهى.