ولا غيرهما، فإن السؤال هو دعاؤه والرغبة إليه، والدعاء هو العبادة، وقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} هذا فيه سؤال الله الإعانة وهو التوكل والتبريء من الحول والقوة، وفرق بين سؤال الله وسؤاله برسوله، ومن قال: إن المتوسل إلى الله برسوله ما سأل إلا الله، ولا استعان إلا به لم يفرق بين الخالق والمخلوق، والمسؤول والسائل، وهذا هو حقيقة مذهب الاتحادية، وكفى بسلوك طريق أهل الوحدة ضلالا وخروجا عن الصراط المستقيم.
وإن كان أراد هذا الملحد أن المتوسل إلى الله برسوله ما سأل ولا استعان إلا بالله، يعني أن المسؤول والمستعان به في الحقيقة هو الله، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فهو واسطة بينه وبين السائل المستعين، فهو سبحانه وتعالى المسؤول المستعان به حقيقة منه بالخلق والإيجاد، والنبي صلى الله عليه وسلم مستعان مسؤول منه بالكسب والتسبب العادي، فإن كان أراد هذا فهذا هو فعل المشركين الذين بعث الله فيهم رسوله صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا يعلمون أن الله تعالى هو الخالق الموجد النافع الضار، وأما الأصنام وغيرهم من الملائكة والأولياء والصالحين، فيقولون إنها أسباب ووسائل عادية، فمن أجل ذلك كانوا يدعونهم ويستغيثون بهم وينحرون لهم وينذرون لهم، والدعاء والنذر والذبح والاستغاثة والسؤال والاستعانة والاستعاذة كلها من أقسام العبادة، وإذا حملتم لفظ الدعاء والاستغاثة والاستعانة والنحر والنذر التي هي من أقسام العبادة على معناها المجازي، فليحمل لفظ العبادة الواقع في كلام المشركين