وأما إطلاقه وصف الحكمة على فلاسفة الإفرنج فهو خطأ ظاهر ... والصواب أنهم أهل الغباوة والجهل الكثيف, وقد تقدم التنبيه على هذا مع ذكر أخطاء الألوسي.
وأما قوله ونقله عن علماء مسلمين قالوه قبل مئات السنين.
فجوابه أن يقال هذا غلط فاحش لأن الذين نقل عنهم الألوسي في شأن القمر ما نقل ليسوا بمسلمين وإنما هم أهل الهيئة الجديدة, وقد ذكرت مراراً أن الألوسي صرح في عدة مواضع من كتابه أن أهل الهيئة الجديدة من فلاسفة الإفرنج. وصرح في صفحة 23 أنهم هرشل وأتباعه.
وقول الصواف أنهم قالوه قبل مئات السنين ليس بصحيح لأن هرشل وأتباعه إنما كان زمانهم من نحو مائتي سنة فأقل. وإنا نتحدى الصواف أن يسمي لنا علماء المسلمين الذين نقل عنهم الألوسي في شأن القمر ما نقل. وأن يذكر كتبهم التي ذكروا فيها ذلك إن كان صادقاً. وما أبعده من الصدق.
وأما قوله وأرجو أن يلفت القارئ إلى عبارتين: الأولى أن القمر عالم كعالم أرضنا هذه وفيه جبال وبحار وأنهم أحسوا بها في مراصدهم. والثانية قوله وهم مهتمون بالسعي في تحقيق الأمر فيه.
فجوابه أن يقال وهل ظننت أيها الصواف أن هاتين العبارتين من كتاب الله تعالى أو مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ترجو من القراء أن يلفتوا نظرهم إليهما. وأي فائدة للقراء في تخرصات أعداء الله وظنونهم الكاذبة وما أوحاه الشيطان إليهم حتى يلفتوا نظرهم إلى ذلك بل الحق أنه ينبغي للقراء الذين عافاهم الله تعالى من اتباع الظنون الكاذبة إذا وقفوا على مثل هاتين العبارتين أن يحمدوا الله الذي عافاهم مما ابتلى به المتخرصين المتكلفين ما لا علم لهم به وما ابتلى به أتباعهم من جهال المسلمين المفتونين بزخارفهم وهذيانهم.
وأما قوله ألا تدل هاتان العبارتان على العجب العجاب الذي وصل إليه علماء المسلمين منذ قرون.
فجوابه أن يقال قد ذكرنا أن الذين تخرصوا في القمر وزعموا فيه ما زعموا ليسوا بمسلمين وإنما هم من فلاسفة الإفرنج وهم أهل الهيئة الجديدة ومن أولهم كوبرنيك البولوني وكان في القرن العاشر من الهجرة. ثم كان بعده كبلر وغاليليه وكانا في