ينقل عن أحد من علماء المسلمين في أمر الهيئة الجديدة شيئا ولا ادعى أن علماء الهيئة الجديدة مسلمون. وقد صرح في صفحة 23 أن هرشل الفيلسوف وأتباعه هم أصحاب الرصد والزيج الجديدة وأنهم هم الذين تخيلوا خلاف ما ذهب إليه الأولون في أمر الهيئة وقالوا بأن الشمس مركز وأن الأرض والنجوم دائرة حولها. وهذا صريح في تعيين أهل الهيئة الجديدة وأنهم من الإفرنج لا من المسلمين.

وفيه إبطال لما يدعي به الصواف في غيرهم إن ادعى ذلك.

ولو فرضنا أن أهل الهيئة الجديدة مسلمون ومعروفون بالتقوى والصلاح كما زعمه الصواف لما كانت ظنونهم وتخرصاتهم في السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم مقبولة من أجل إسلامهم وتقواهم وصلاحهم. وإنما هي مردودة عليهم لمخالفتها لمدلول الكتاب والسنة وإجماع المسلمين.

وقد ذكرت تسعة عشر مثالا مما نقله الألوسي من الأقوال الباطلة ونبهت على بطلانها فليراجع.

الأمر الرابع قوله إن رأي الألوسي هو الكفاية في رد الأمر إلى نصابه وبيان الحق الصراح وصوابه.

والجواب أن يقال ليست الكفاية في أقوال الرجال وآرائهم وإنما الكافية في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهما الميزان العدل الذي توزن به أقوال الرجال وآرائهم فما وافقهما فهو حق مقبول وما خالفهما فهو باطل مردود.

وقد اضطرب قول الألوسي فيما نقله عن أهل الهيئة الجديدة. ففي بعض المواضع يوافقهم ويتعسف في تطبيق الآيات على ما يوافق أقوالهم. وفي بعض المواضع يذكر أقوالهم ويسكت وفي بعض المواضع يخالفهم ويقول إنه يجب الرجوع في هذا إلى ما دل عليه الكتاب والسنة وأنه لا يسلم لهم إلا ما لم يلزم منه محذور في الدين. وهذه المواضع التي خالفهم فيها وقال إنه يجب الرجوع إلى ما دل عليه الكتاب والسنة هي التي رد الأمر فيها إلى نصابه وأتى ببيان الحق وصوابه. وما سواها فهو باطل مردود لمخالفته لمدلول الكتاب والسنة وإجماع المسلمين.

وقد ذكرت كثيرا من أخطائه في أول هذا الفصل ونبهت على بطلانها فلتراجع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015