فيساهل نفسه فى تهجين «1» . صورته؛ فيذهب حسنه ويطمس نوره، ويكون فيه أقرب إلى الذم منه إلى الحمد.
والمعانى بعد ذلك على وجوه: منها ما هو مستقيم حسن، نحو قولك: قد رأيت زيدا. ومنها ما هو مستقيم قبيح نحو قولك: قد زيدا رأيت. وإنما قبح لأنك أفسدت النظام بالتقديم والتأخير. ومنها ما هو مستقيم النظم، وهو كذب؛ مثل قولك: حملت الجبل، وشربت ماء البحر. ومنها ما هو محال، كقولك: آتيك أمس وأتيتك غدا. وكلّ محال فاسد، وليس كلّ فاسد محالا؛ ألا ترى أن قولك:
قام زيد فاسد، وليس بمحال. والمحال ما لا يجوز كونه البتة، كقولك: الدنيا فى بيضة. وأما قولك: حملت الجبل وأشباهه فكذب، وليس بمحال، إن جاز أن يزيد الله فى قدرتك فتحمله.
ويجوز أن يكون الكلام الواحد كذبا محالا؛ وهو قولك: رأيت قائما قاعدا، ومررت بيقظان نائم؛ فتصل كذبا بمحال، فصار الذى هو الكذب هو المحال بالجمع بينهما، وإن كان لكل واحد منهما معنى على حياله؛ وذلك لمّا عقد بعضها ببعض حتى صارا كلاما واحدا.
ومنها الغلط، وهو أن تقول: ضربنى زيد، وأنت تريد ضربت زيدا، فغلطت، فإن تعمّدت ذلك كان كذبا.
وللخطأ صور مختلفة نبّهت على أشياء منها فى هذا الفصل، وبيّنت وجوهها، وشرحت أبوابها لتقف عليها فتجتنبها، كما عرفتك مواقع الصواب فتعتمدها، وليكون فيما أوردت دلالة على أمثاله ممّا تركت؛ ومن لا يعرف الخطأ كان جديرا بالوقوع فيه. فمن ذلك قول امرىء القيس «2» :