قوله: «وأن تعلمى أنّ المعان موفّق» غير مشاكل لما قبله.
وهكذا قول عنترة «1» :
حرق الجناح كأنّ لحيى رأسه ... جلمان بالأخبار هشّ مولع «2»
إنّ الذين نعبت لى بفراقهم ... هم أسلموا ليلى التمام وأوجعوا «3»
ليس قوله «بالأخبار هشّ مولع» فى شىء من صفة جناحه ولحييه.
وقول السموءل «4» :
فنحن كماء المزن ما فى نصابنا ... كهام ولا فينا يعدّ بخيل «5»
ليس فى قوله: «ما فى نصابنا كهام» . من قوله: «فنحن كماء المزن» فى شىء؛ إذ ليس بين ماء المزن والنصاب والكهوم مقاربة، ولو قال: ونحن ليوث الحرب، أو أولو الصرامة والنّجدة ما فى نصابنا كهام لكان الكلام مستويا. أو نحن كماء المزن صفاء أخلاق وبذل أكفّ لكان جيدا.
وجعل بعض الأدباء من هذا الجنس قول امرئ القيس «6» :
كأنّى لم أركب جوادا للذّة ... ولم أتبطّن كاعبا ذات خلخال
ولم أسبا الزّقّ الرّوىّ ولم أقل ... لخيلى كرّى كرّة بعد إجفال
قالوا: فلو وضع مصراع كل بيت من هذين البيتين فى موضع الآخر لكان أحسن «7» وأدخل فى استواء النّسج؛ فكان يروى:
كأنّى لم أركب جوادا ولم أقل ... لخيلى كرّى كرّة بعد إجفال
ولم أسبإ الزّقّ الرّوىّ للذّة ... ولم أتبطّن كاعبا ذات خلخال