وأخبرنا أبو أحمد الشطنى، قال: حدّثنا أبو العباس بن عربى، قال: حدثنا حماد عن يزيد بن جبلة، قال: دفن مسلمة رجلا من أهله، وقال:
نروح ونغدو كلّ يوم وليلة
ثم قال لبعضهم: أجز، فقال:
فحتّى متى هذا الرواح مع الغدو
فقال مسلمة: لم تصنع شيئا. فقال آخر:
فيالك مغدى مرة ورواحا
فقال: لم تصنع شيئا. فقال لآخر: أجز أنت، فقال:
وعمّا قليل لا نروح ولا نغدو
فقال: الآن تمّ البيت.
ومما لم يوضع [فيه] الشىء مع لفقه من أشعار المتقدمين قول طرفة «1» :
ولست بحلّال التّلاع مخافة ... ولكن متى يسترفد القوم أرفد «2»
فالمصراع الثانى غير مشاكل الصورة للمصراع الأول، وإن كان المعنى صحيحا؛ لأنه أراد: ولست بحلّال التّلاع مخافة السّؤّال، ولكنّى أنزل الأمكنة المرتفعة، لينتابونى فأرفدهم، وهذا وجه الكلام؛ فلم يعبّر عنه تعبيرا صحيحا، ولكنه خلطه وحذف منه حذفا كثيرا فصار كالمتنافر؛ وأدواء الكلام كثيرة.
وهكذا قول الأعشى «3» :
وإنّ امرءا أسرى إليك ودونه ... سهوب وموماة وبيداء سملق «4»
لمحقوقة أن تستجيبى لصوته ... وأن تعلمى أنّ المعان موفّق