روى عن أبي زكريا يحيى بن هلال بن فطرٍ، ومحمد بن عبيدون بن فهد، ومحمد ابن أحمد بن مسور، وعبد الله بن نصر، ويحيى بن مالك بن عائذ، وعلي بن محمد الأنطاكي، وابن مفرج، وابن عون الله، وأحمد بن خالد التاجر وغيرهم، وأجازوا له ما رووه.

وعني بالفقه وعقد الوثائق والشروط فحذقها، وشهر بتبريزه فيها، ثم شارف كثيرا من العلوم فأخذ بأوفر نصيبٍ منها، ومال إلى الزهد ومطالعة الأثر والوعظ فكان يعط الناس بمسجده بحوانيت الريحاني بقرطبة، ويعلم القرآن فيه. وكان يقصده أهل الصلاح والتوبة والإنابة، ويلوذون به فيعظهم ويذكرهم ويخوفهم العقاب، ويدلهم على الخير.

وكان رقيق القلب، غزير الدمع، حسن المحادثة مليح الموانسة، جميل الأخلاق، حسن اللقاء.

وكان: يغسل الموتى ويجيد غسلهم وتجهيزهم. وقد جمع في معنى ذلك كتابا حفيلا، وجمع أيضا كتابا حسنا في آداب المعلمين خمسة أجزاء، وصنف في أخبار القضاة والفقهاء بقرطبة كتابا مختصرا، وقد نقلنا منه في كتابنا هذا ما نسبناه إليه.

وتولى عقد الوثائق لمحمد المهدي أيام تولية للملك بقرطبة، فلما وقعت الفتنة خرج عن قرطبة فيمن خرج عنها وقصد المرية فأكرمه خيران الصقلبي صاحبها، وأدنى مكانته، وعرف فضله وأمانته فقلده قضاء لورقة فخرج إليها وألقى عصاه بها، والتزم الصلاة والخطبة بجامعها، ولم يزل حسن السيرة فيهم، محمودا لديهم محببا إليهم إلى أن توفى ضحوة يوم الأحد لست عشرة ليلة خلت لربيع الآخر سنة عشرين وأربعمائة، وصلى عليه الرجل الصالح حبيب بن سيد الجذامي.

قال ابن شنظير: ومولده في ربيع الآخر سنة ثمانٍ وأربعين وثلاث مائة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015