أبو هريرة: وجاء الوحي وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ينقضي الوحي فلما انقضى الوحي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الأنصار" قالوا لبيك يا رسول الله قال: "قلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته؟ " قالوا: قد كان ذاك قال: "كلا إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم والمحيا محياكم والممات مماتكم" فأقبلوا إليه يبكون ويقولون والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله وبرسوله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم" قال: فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان وأغلق الناس أبوابهم. قال: وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه، ثم طاف بالبيت. قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه قال: ويزيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوس وهو آخذ بسية القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه ويقول: "جاء الحق وزهق الباطل" فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو.
9 - قال أبو بعلى (11 - 524): حدثنا هدبة حدثنا سلام بن مسكين عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صار إلى مكة ليفتحها فقال لأبي هريرة: "يا أبا هريرة، اهتف بالأنصار" فقال: يا معشر الأنصار أجيبوا رسول الله. فجاؤوا كأنما
كانوا على ميعاد قال: "خذوا هذا الطريق فلا يشرف لكم أحد إلا أنمتموه" أي قتلتموه، فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففتح الله عليه، قال: فطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبيت وصلى ركعتين ثم خرج من الباب الذي يلي الصفا فصعد الصفا فخطب الناس والأنصار أسفل منه فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فقد أخذته رأفة بقومه والرغبة في قريته. فأنزل الله تعالى عليه الوحي بما قالت الأنصار فقال: "يا معشر الأنصار تقولون أما الرجل فقد أدركته الرأفة بقومه والرغبة في قريته؟ فمن أنا إذا؟ كلا والله إني عبد الله ورسوله وإن المحيا محياكم والممات مماتكم" قالوا: يا رسول الله ما قلنا ذلك إلا مخافة أن تفارقنا قال: "أنتم صادقون عند الله وعند رسوله" فوالله ما منهم أحد إلا بل نحره بدموع من عينه.