فحضرته الوفاة فاجتمعنا إليه فقال: يا معشر يهود ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ فقلنا: أنت أعلم. فقال: إنه إنما أخرجني أتوقع خروج نبي قد أظل زمانه، هذه البلاد مهاجرة فأتبعه فلا تسبقن إليه إذا خرج، يا معشر يهود فإنه يسفك الدماء ويسبي الذراري والنساء ممّن خالفه، فلا يمنعكم ذلك منه. ثم مات. فلما كانت تلك الليلة التي افتتحت فيها قريظة قال أولئك الفتية الثلاثة وكانوا شبانا أحداثا: يا معشر يهود للذي كان ذكر لكم بن الهيبان. قالوا: ما هو؟ قالوا: بلى، والله لهو يا معشر اليهود، إنه والله لهو لصفته، ثم نزلوا فأسلموا وخلوا أموالهم وأولادهم وأهاليهم، قال وكانت أموالهم في الحصين مع المشركين فلما فتح رد ذلك عليهم.
[درجته: سنده صحيح، رواه: من طريقه البيهقي في الكبرى (9 - 114)، هذا السند: صحيح عاصم تابعي ثقة وعالم بالمغازي (1 - 385) والشيخ القرظي صحابي].
43 - قال ابن إسحاق: حدثني محمَّد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين قالت: لم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة. قالت: والله إنها لعندي تحدث معي تضحك ظهرا وبطنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقتل رجالهم بالسوق، إذ هتف هاتف باسمها: أين فلانة؟ قالت: أنا والله. قالت قلت: ويلك ومالك؟ قالت: أقتل. قالت قلت: ولم؟ قالت: حدثا أحدثته. قالت: فانطلق بها فضربت عنقها. وكانت عائشة تقول: والله ما أنسى عجبي من طيب نفسها وكثرة ضحكها وقد عرفت أنها تقتل.
[درجته: سنده صحيح، رواه: من طريقه أحمد (6 - 277)، هذا السند: صحيح محمَّد بن جعفر ثقة من رجال الشيخين (2 - 150)، وعروة التابعي الثقة إمام المغازي المعروف (2 - 19)].
44 - قال ابن إسحاق حدثني شعبة بن الحجاج عن عبد الملك بن عمير عن عطية القرظي قال: عرضنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم قريظة فكان من أنبت قتل ومن لم ينبت خلي سبيله، فكنت ممّن لم ينبت فخلي سبيلي.