إذا لم يزدد كفرا أما من كفر وزاد على الكفر فلم تدل الآية على قبول توبته بل قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً} قد يتمسك بها من خالف ذلك على أنه إنما استثنى من تاب وأصلح وهذا لا يكون فيمن تاب بعد أخذه وإنما استفدنا سقوط القتل عن التائب لمجرد توبته من السنة وهي إنما دلت على من جرد الردة مثل الحارث بن سويد ودلت على أن من غلظها كابن أبي سرح يجوز قتله بعد التوبة والإسلام.
الوجه الثاني: أنه مقتول لكونه كفر بعد إسلامه ولخصوص السب كما تقدم تقريره فاندرج في عموم الحديث مع كون السب مغلظا لجرمه ومؤكدا لقتله.
الوجه الثالث: أنه عام قد خص منه تارك الصلاة وغيرها من الفرائض عند من يقتله ولا يكفره وخص منه قتل الباغي وقتل الصائل بالسنة والإجماع فلو قيل "إن السب موجب للقتل بالأدلة التي ذكرناها وهي أخص من هذا الحديث" لكان كلاما صحيحا.
وأما من يحتج بهذا الحديث في الذمي إذا سب ثم أسلم فيقال له: هذا وجب قتله قبل الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم إنما يريد إباحة الدم بعد حقنه بالإسلام ولم يتعرض لمن وجب قتله ثم أسلم أي شيء حكمه ولا يجوز أن يحمل الحديث عليه فإنه إذا حمل على حل الدم بالأسباب الموجودة قبل الإسلام وبعده لزم من ذلك أن يكون الحربي إذا قتل أو زنى ثم شهد شهادتي الحق أن يقتل بذلك القتل والزنى لشمول الحديث على هذا التقدير له وهو باطل قطعا ولا يجوز أن يحمل على أن كل من أسلم لا يحل دمه إلا بإحدى الثلاث إن صدر عنه بعد ذلك لأنه يلزمه أن لا يقتل الذمي لقتل أو زنى