هذه طريقة من يقتله لخصوص السب وكونه حدا من الحدود أو حقا للرسول فإنه يقول: الردة نوعان: ردة مجردة وردة مغلظة والتوبة إنما هي مشروعة في الردة المجردة فقط دون الردة المغلظة وهذه ردة مغلظة وقد تقدم تقرير ذلك في الأدلة.
ثم الكلمة الوجيزة في الجواب أن يقال: جعل الردة جنسا واحدا تقبل توبة أصحابه ممنوع فلا بد له من دليل ولا نص في المسألة والقياس متعذر لوجود الفرق.
ومن يقتله لدلالة السب على الزندقة فإنه يقول: هذا لم يثبت إذا لا دليل يدل على صحة التوبة كما تقدم.
وبهذا حصل الجواب عن احتجاجهم بقول الصدق وتقدم الجواب عن قول ابن عباس وأما استتابة الأعمى أم ولده فإنه لم يكن سلطانا ولم تكن إقامة الحدود واجبة عليه وإنما النظر في جواز إقامته للحد ومثل هذا لا ريب أنه يجوز له أن ينهى الساب ويستتيبه فإنه ليس عليه أن يقيم الحد ولا يمكنه أن يشهد به عند السلطان وحده فإنه لا ينفع ونظيره في ذلك من كان يسمع من المسلمين كلمات من المنافقين توجب الكفر فتارة ينقلها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتارة ينهي صاحبها ويخوفه ويستتيبه وهو بمثابة من ينهى من يعلم منه الزنا أو السرقة أو قطع الطريق عن فعله لعله يتوب قبل أن يرفع إلى السلطان ولو رفع قبل التوبة لم يسقط حده بالتوبة بعد ذلك.
وأما الحجة الثانية فالجواب عنها من وجوه:
أحدها: أنه مقتول بالكفر بعد الإسلام وقولهم "كل من كفر بعد إسلامه فإن توبته تقبل".
قلنا: هذا ممنوع والآية إنما دلت على قبول توبة من كفر بعد إيمانه