بمنزلة اعتراف إبليس لله بالربوبية فإنه موجب للخضوع له فلما استكبر عن أمره بطل حكم ذلك الاعتراف فالإيمان بالله وبرسوله قول وعمل أعني بالعمل ما ينبعث عن القول والاعتقاد من التعظيم والإجلال فإذا عمل ضد ذلك من الاستكبار والاستخفاف صار كافرا وكذلك كان قتل النبي كفرا باتفاق العلماء فالمرتد: كل من أتى بعد الإسلام من القول أو العمل بما يناقض الإسلام بحيث لا يجتمع معه وإذا كان كذلك فليس كل من وقع عليه اسم المرتد يحقن دمه بالإسلام فإن ذلك لم يثبت بلفظ علم عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه وإنما جاء عنه وعن أصحابه في ناس مخصوصين أنهم استتابوهم أو أمروا باستتابتهم ثم إنهم أمروا بقتل الساب وقتلوه من غير استتابة.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل العرنيين من غير استتابة وأنه أهدر دم ابن خطل ومقيس بن حبابة وابن أبي سرح من غير استتابة فقتل منهم اثنان وأراد من أصحابه أن يقتلوا الثالث بعد أن جاء تائبا.
فهذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وسائر الصحابة تبين لك أن من المرتدين من يقتل ولا يستتاب ولا تقبل توبته ومنهم من يستتاب وتقبل توبته فمن لم يوجد منه إلا مجرد تبديل الدين وتركه وهو مظهر لذلك فإذا تاب قبلت توبته كالحارث بن سويد وأصحابه والذين ارتدوا في عهد الصديق رضي الله عنه ومن كان مع ردته قد أصاب ما يبيح الدم من قتل مسلم وقطع الطريق وسب الرسول والافتراء عليه ونحو ذلك وهو في دار الإسلام غير ممتنع بفئة فإنه إذا أسلم يؤخذ بذلك الموجب للدم فيقتل للسب وقطع الطريق مع قبول إسلامه