انقطاع العين والأثر فلو جاز استحياؤه بعد إظهار الشنآن لكان في ذلك إبقاء لعينه وأثره وإذا اقتضى الشنآن قطع عينه وأثره كان كسائر الأسباب الموجبة لقتل الشخص وليس شيء يوجب قتل الذمي إلا هو موجب لقتله بعد الإسلام إذ الكفر المحض مجوز للقتل لا موجب له على الإطلاق وهذا لأن الله سبحانه لما رفع ذكر محمد عليه الصلاة والسلام فلا يذكر إلا ذكر معه ورفع ذكر من اتبعه إلى يوم القيامة حتى أنه يبقى ذكر من بلغ عنه ولو حديثا وإن كان غير فقيه قطع أثر من شنأه من المنافقين وإخوانهم من أهل الكتاب وغيرهم فلا يبقى له ذكر حميد وإن بقيت أعيانهم وقتا ما إذا لم يظهروا الشنآن فإذا أظهروه محقت أعيانهم وآثارهم تقديرا وتشريعا فلو استبقى من أظهر شنآنه بوجه ما لم يكن مبتورا إذ البتر يقتضي قطعه ومحقه من جميع الجوانب والجهات فلو كان له وجه إلى البقاء لم يكن مبتورا.
يوضح ذلك أن العقوبات التي شرعها الله نكالا مثل قطع السارق ونحوه لا تسقط بإظهار التوبة إذ النكال لا يحصل بذلك فما شرع لقطع صاحبه وبتره ومحقه كيف يسقط بعد الأخذ فإن هذا الفظ يشعر بأن المقصود اصطلام صاحبه واستئصاله واجتياحه وقطع شنآنه وما كان بهذه المثابة كان عما يسقط عقوبته أبعد من كل أحد وهذا بين لمن تأمله والله أعلم.
والجواب عن حججهم: أما قولهم "هو مرتد فيستتاب كسائر المرتدين" فالجواب أن هذا مرتد بمعنى أنه تكلم بكلمة صار بها كافرا حلال الدم مع جواز أن يكون مصدقا للرسول معترفا بنوبته لكن موجب التصديق توقيره في الكلام فإذا انتقصه في كلامه ارتفع حكم التصديق وصار