واعلم أن منشأ الشبهة في هذه المسألة القياس الفاسد وهو التسوية في الجنس بين المتباينين تباينا لا يكاد يجمعهما جامع وهو التسوية بين النبي وغيره في الدم أو في العرض إذا فرض عود المنتهك إلى الإسلام وهو مما يعلم بطلانه ضرورة ويقشعر الجلد من التفوه به فإن من قتله للردة أو للنقض فقط ولم يجعل لخصوص كونه أذى له أثرا وإنما المؤثر عنده عموم وصف الكفر إما أن يهدر خصوص الأذى أو يسوى فيه بينه وبين غيره زعما منه أن جعله كفرا ونقضا هو غاية التعظيم وهذا كلام من لم ير للرسول حقا يزيد على مجرد تصديقه في الرسالة وسوى بينه وبين سائر المؤمنين فيما سوى هذا الحق.

وهذا كلام خبيث يصدر عن قلة فقه ثم يجر إلى شعبة نفاق ثم يخاف أن يخرج إلى النفاق الأكبر وأنه لخليق به ومن قال هذا القول من الفقهاء لا يرتضي أن يلتزم مثل هذا المحذور ولا يفوه به فإن الرسول أعظم في صدورهم من أن يقولوا فيه مثل هذا لكن هذا لازم قولهم لزوما لا محيد عنه وكفى بقول فسادا أن يكون هذا حقيقته بعد تحريره وإلا فمن تصور أن له حقوقا كثيرة عظيمة مضافة إلى الإيمان به وهي زيادة في الإيمان به كيف يجوز أن يهدر أذاه إذا فرض عريا عن الكفر أو يسوى بينه وبين غيره؟ أرأيت لو أن رجلا سب أباه وآذاه كانت عقوبته المشروعة مثل عقوبة من سب غير أبيه أم يكون أشد لما قابل الحقوق بالعقوق؟ وقد قال سبحانه وتعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} الآية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015