عهد ولا تمثيلا له بقتل غيره أو سبه فإن سب غيره لا يوجب القتل وقتل غيره إنما فيه القود الذي يتخير فيه الوارث أو السلطان بين القتل أو أخذ الدية وللوارث أن يعفو عنه مطلقا بل لكون هذا محاربة لله ورسوله وسعيا في الأرض فسادا ولا يعلم شيء أكثر منه فإن أعظم الذنوب الكفر وبعده قتل النفس وهذا أقبح الكفر وقتل أعظم النفوس قدرا ومن قال: "إن حد سبه يسقط بالإسلام" لزمه أن يقول: إن قاتله إذا أسلم يصير بمنزلة قاتل من لا وارث له من المسلمين لأن القتل بالردة ونقض العهد سقط ولم يبق إلا مجرد القود كما قال بعضهم: إن قاذفه إذا أسلم جلد ثمانين أو أن يقول: يسقط عنه القود بالكلية كما أسقط حد قذفه وسبه بالكلية وقال: انغمر حد السب في موجب الكفر لا سيما على رأيه إن كان السب من كافر ذمي يستحل قتله وعداوته ثم أسلم بعد ذلك وأقبح بهذا من قول ما أنكره وأبشعه وأنه لا يقشعر منه الجلد أن تطل دماء الأنبياء في موضع تثأر فيه دماء غيرهم وقد جعل الله عامة ما أصاب بني إسرائيل من الذلة والمسكنة والغضب حتى سفك منهم من الدماء ما شاء الله ونهبت الأموال وزال الملك عنهم وسبيت الذرية وصاروا تحت أيدي غيرهم إلى يوم القيامة إنما هو بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق وكل من قتل نبيا فهذا حاله وإنما هذا بقوله: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُم} عطف خاص على عام وإذا كان هذا باطلا فنظيره باطل مثله فإن أذى النبي إما أن يندرج في عموم الكفر والنقض أو يسوى بينه وبين أذى غيره فيما سوى ذلك أو يوجب القتل لخصوصه فإذا بطل القسمان الأولان تعين الثالث ومتى أوجب القتل لخصوصه فلا ريب أنه يوجبه مطلقا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015