التقلب وكما أن حد القذف شرع صونا للعرض من التلطخ بهذه القاذورات وسترا للفاحشة وكتما لها فشرع ما يصون عرض الرسول من التلطيخ بما قد ثبت أنه بريء منه أولى وستر الكلمات التي أوذي بها في نيل منه فيها أولى لما في ذكرها من تسهيل الاجتراء عليه إلا أن حد هذا السب والقذف القتل لعظم موقعه وقبح تأثيره فإنه لو لم يؤثر إلا تحقيرا لحرمته أو فساد قلب واحد أو إلقاء شبهة في قلب كان بعض ذلك يوجب القتل بخلاف عرض الواحد من الناس فإنه لا يخاف منه مثل هذا وسيجيء الجواب عما يتوهم فرقا بين سب النبي صلى الله عليه وسلم وسب غيره في سقوط حده بالتوبة دون حد غيره.
الطريقة الثالثة والعشرون: أن قتل الذمي إذا سب إما أن يكون جائزا غير واجب أو يكون واجبا والأول باطل بما قدمناه من الدلائل في المسألة الثانية وبينا أنه قتل واجب وإذا كان واجبا فكل قتل يجب على الذمي بل كل عقوبة وجبت على الذمي بقدر زائد على الكفر فإنها لا تسقط بالإسلام أصلا جامعا وقياسا جليا فإنه يجب قتله بالزنا والقتل في قطع الطريق وبقتل المسلم أو الذمي ولا يسقط الإسلام قتلا واجبا وبهذا يظهر الفرق بين قتله وقتل الحربي الأصلي أو الناقض المحض فإن القتل هناك ليس واجبا عينا وبه يظهر الفرق بين هذا وبين سقوط الجزية عنه بالإسلام عند أكثر الفقهاء غير الشافعي فإن الجزية عند بعضهم عقوبة للمقام على الكفر وعند بعضهم عوض عن حقن الدماء وقد يقال: أجرة سكنى الدار ممن لا يملك السكنى فليست عقوبة وجبت لقدر زائد على الكفر.
الطريقة الرابعة والعشرون: أنه قتل لسبب ماض فلم يسقط بالتوبة والإسلام كالقتل للزنى وقطع الطريق وعكسه القتل لسبب حاضر وهو القتل لكفر قديم باق أو محدث جديد باق أعني الكفر الأصلي والطارئ