قذفه بقتل كان الحق لأولياء المقتول ولا يكاد يخلو غالبا من ظهور كذب الرامي به أو براءة المرمي به من الحق بإبراء أهل الحق أو بالصلح أو بغير ذلك على وجه لا يبقي عليه عار وكذلك الرمي بالكفر فإن ما يظهره من الإسلام يكذب هذا الرامي به فلا يضر إلا صاحبه ورمي الرسول صلى الله عليه وسلم بالعظائم يوجب إلحاق العار به والغضاضة لأنه بأي شيء رماه من السب كان متضمنا للطعن في النبوة وهي وصف خفي فقد يؤثر كلامه أثرا في بعض النفوس فتوبته بعد أخذه قد يقال: إنما صدرت عن خوف وتقية فلا يرتفع العار والغضاضة الذي لحقه به كما لا يرتفع العار الذي يلحق بالمقذوف بإظهار القاذف التوبة ولذلك كانت توبته توجب زوال الفسق عنه وفاقا وتوجب قبول شهادته عند أكثر الفقهاء ولا يسقط الحد الذي للمقذوف فكذلك شاتم الرسول.
فإن قيل: ما أظهره الله لنبيه من الآيات والبراهين المحققة لصدقه في نبوته تزيل عار هذا السب وتبين أنه مبرأ بخلاف المقذوف بالزنا.
قيل: فيجب على هذا أن لو قذفه أحد بالزنا في حياته أن لا يجب عليه حد قذف وهذا ساقط وكان يجب على هذا أن لا يعبأ بمن يسبه ويهجوه بل يكون من يخرج عن الدين والعهد بهذا وبغيره على حد واحد وهو خلاف الكتاب والسنة وما كان عليه السابقون ويجب إذا قذف رجل سفيه معروف بالسفه والفرية من هو مشهور عند الخاصة والعامة بالعفة مشهود له بذلك أن لا يحد وهذا كله فاسد وذلك لأن مثل هذا السب والقذف لا يخاف من تأثيره في قلوب أولي الألباب وإنما يخاف من تأثيره في عقول ضعيفة وقلوب مريضة ثم سمع العالم بكذبه له من غير نكير يصغر الحرمة عنده وربما طرق له شبهة وشك فإن القلوب سريعة