لم نعلم أنه صادق في إسلامه وإيمانه وهو معاهد قد وجب عليه حد من الحدود فيستوفي منه كسائر الحدود.
وقول من يقول "قتل المسلم أولى" يعارضه قول من يقول "قتل الذمي أولى" وذلك أن الذمي دمه أخف حرمة والقتل إذا وجب عليه في حال الذمة لسبب لم يسقط عنه بالإسلام.
يبين ذلك أنه لا يبيح دمه إلا إظهار السب وصريحه بخلاف المسلم فإن دمه محقون وقد يجوز أنه غلظ بالسب فإذا حقق الإسلام والتوبة من السب ثبت العاصم مع ضعف المبيح والذمي المبيح محقق والعاصم لا يرفع ما وجب فيكون أقوى من هذا الوجه.
ألا ترى أن المسلم لو كان منافقا لم يقتصر على السب فقط بل لا بد أن تظهر منه كلمات مكفرة غير ذلك بخلاف الذمي فإنه لا يطلب على كفره دليل وإنما يطلب على محاربته وإفساده والسب من أظهر الأدلة على ذلك كما تقدم.
الطريقة الثانية والعشرون: أنه سب لمخلوق لم يعلم عفوه فلا يسقط بالإسلام كسب سائر المؤمنين وأولى فإن الذمي لو سب مسلما أو معاهدا ثم أسلم لعوقب على ذلك بما كان يعاقب به قبل أن يسلم فكذلك إذا سب الرسول وأولى وكذلك يقال في المسلم إذا سبه.
تحقيق ذلك أن القاذف والشاتم إذا قذف إنسانا فرفعه إلى السلطان فتاب كان له أن يستوفي منه الحد وهذا الحد إنما وجب لما ألحق به من العار والغضاضة فإن الزنا أمر يستخفى منه فقذف المرء به يوجب تصديق كثير من الناس به وهو من الكبائر التي لا يساويها غيرها في العار والمنقصة إذا تحقق ولا يشبهه غيره في لحوق العار إذا لم يتحقق فإنه إذا