وكذلك النسوة اللاتي أمر بقتلهن إنما وجهه والله أعلم أنهن كن قد سببنه بعد المعاهدة فانتقض عهدهن فقتلت اثنتان والثالثة لم يعصم دمها حتى استؤمن لها بعد أيام ولو كان دمها معصوما بالإسلام لم يحتج إلى الأمان وهذه الطريقة مبناها على أن من جاز قتله بعد أن أظهر أنه جاء ليسلم جاز قتله بعد أن أسلم فإن من لم يعصم دمه إلا عفو وأمان لم يكن الإسلام هو العاصم لدمه وإن كان قد تقدم ذكر هذا لكن ذكرناه لخصوص هذا المأخذ.

الطريقة الموفية عشرين: أن الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مطلقة بقتل سابه لم يؤمر فيها باستتابة ولم يستثن منها من تاب وأسلم كما هي مطلقة عنهم في قتل الزاني المحصن ولو كان يستثني منها حال دون حال لوجب بيان ذلك فإن سب النبي صلى الله عليه وسلم قد وقع منه وهو الذي علق القتل عليه ولم يبلغنا حديث ولا أثر يعارض ذلك وهذا بخلاف قوله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه" فإن المبدل للدين هو المستمر على التبديل دون من عاد وكذلك قوله: "التارك لدينه المفارق للجماعة" فإن من عاد إلى دينه لم يجز أن يقال: هو تارك لدينه ولا مفارق للجماعة وهذا المسلم أو المعاهد إذا سب الرسول ثم تاب لم يكن أن يقال: ليس بساب للرسول أو لم يسب الرسول فإن هذا الوصف واقع عليه تاب أو لم يتب كما يقع على الزاني والسارق والقاذف وغيرهم.

الطريقة الحادية والعشرون: أنا قد قررنا أن المسلم إذا سب الرسول يقتل وإن تاب بما ذكرناه من النص والنظر والذمي كذلك فإن أكثر ما يفرق به إما كون المسلم تبين بذلك أنه منافق أو أنه مرتد قد وجب عليه حد من الحدود فيستوفى منه ونحو ذلك وهذا المعنى موجود في الذمي فإن إظهاره للإسلام بمنزلة إظهاره للذمة فإذا لم يكن صادقا في عهده وأمانه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015