يوضح ذلك أن قتل المرتد والكافر الأصلي إلا أن يتوب يزيل مفسدة الكفر لأن الهام بالردة متى علم أنه لا يترك حتى يقتل أو يتوب لم يأتها لأنه ليس له غرض في أن يرتد ثم يعود إلى الإسلام وإنما غرضه في بقائه على الكفر واستدامته.
فأما الساب من المسلمين والمعاهدين فإن غرضه من السب يحصل بإظهاره وينكأ المسلمين بأذاه كما يحصل غرض القاطع من القتل والزاني من الزنا وتسقط حرمة الدين والرسول بذلك كما تسقط حرمة النفوس والأموال في قطع الطريق والسرقة ويؤذي عموم المسلمين أذى يخشى ضرره كما يؤذيهم مثل ذلك من فعل القاطع والسارق ونحوهما ثم إنه إذا أخذ فقد يظهر الإسلام والتوبة مع استبطانه العود إلى مثل ذلك عند القدرة كما يظهر القاطع والسارق والزاني العود إلى مثل هذه الجرائم عند إمكان الفرصة بل ربما يتمكن من هذا السب بعد إظهار الإسلام عند شياطينه ما لم يتمكنه قبل ذلك ويتنوع في أنواع التنقص والطعن غيظا على ما فعل به من القهر والضغط حتى أظهر الإسلام بخلاف من لم يظهر شيئا من ذلك حتى أسلم فإنه لا مفسدة ظهرت لنا منه وبخلاف المحارب الأصلي إذا قتل وفعل الأفاعيل فإنه لم يكن قد التزم الأمان على أنه لا يفعل شيئا من ذلك.
وهذا قد كان التزم لنا بعقد الذمة أن لا يؤذينا بشيء من ذلك ثم لم يف بعهده فلا يؤمن إليه أن يلتزم بعقد الأيمان أن لا يؤذينا بذلك ولا يفي بعقده وذلك لأنه واجب عليه في دينه أن يفي بالعهد فلا يظهر الطعن علينا في ديننا وعالم أن ذلك من التزام الأمور التي عاهدناه على أن لا يؤذينا بها وهو خائف من سيف الإسلام إن خالف كما أنه واجب عليه في دين الإسلام أن لا يتعرض للرسول بسوء وهو خائف من سيف الإسلام إن هو خالف فلم يتجدد له بإظهار الإسلام جنس العاصم الزاجر بخلاف الحربي في ذلك وإن كان في ضمن ذلك زجر لغيره من الناس عن الردة ألا ترى أنه