لوجود سببها وتعدم لعدمه فالكافر الأصلي والمرتد لم يقتل لأجل ما مضى من كفره فقط وإنما يقتل للكفر الذي هو الآن موجود إذ الأصل بقاؤه على ما كان عليه فإذا تاب زال الكفر فزال المبيح للدم لأن الدم لا يباح بالكفر إلا حال وجود الكفر إذ المقصود بقتله أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الدين كله لله فإذا انقاد لكلمة الله ودان بدين الله حصل مقصود القتال ومطلوب الجهاد وكذلك المرتد إنما يقتل لأنه تارك للدين مبدل له فإذا هو عاد لم يبقى مبدلا ولا تاركا وبذلك يحصل حفظ الدين فإنه لا يترك مبدلا له.

أما الزاني والسارق وقاطع الطريق فإنه سواء كان مسلما أو معاهدا لم يقتل لدوامه على الزنا والسب وقطع الطريق فإن هذا غير ممكن ولم يقتل لمجرد اعتقاده حل ذلك أو إرادته له فإن الذمي لا يباح دمه بهذا الاعتقاد ولا يباح دم مسلم ولا ذمي بمجرد الإرادة فعلم أن ذلك وجب جزاء على ما مضي وزجرا عما يستقبل منه ومن غيره فمن أظهر سب الرسول من أهل الذمة أو سبه من المسلمين ثم ترك السب وانتهى عنه فليس هو مستديما للسب كما يستديم الكافر المرتد وغيره على كفره بل أفسد في الأرض كما أفسد غيره من الزناة وقطاع الطريق ونحن نخاف أن يتكرر مثل هذا الفساد منه ومن غيره كما نخاف مثل ذلك في الزاني وقاطع الطريق لأن الداعي له إلى ما فعله من السب ممكن منه ومن غيره من الناس فوجب أن يعاقب جزاء بما كسب ونكالا من الله له ولغيره وهذا فرق ظاهر بين قتل المرتد والكافر الأصلي وبين قتل الساب والقاطع والزاني.

وبيانه لأن السب من جنس الجريمة الماضية لا من جنس الجريمة الدائمة لكن مبناه على أن السب يوجب الحد لخصوصه لا لكونه كافرا وقد تقدم بيان ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015