له ظاهرا لأنا لو أسقطنا عنهم القتل بما أظهروه من الإسلام لكانوا بمنزلة الكفار وكان جهادهم من حيث هم كفار فقط لا من حيث هم منافقون والآية تقتضي جهادهم لأنهم صنف غير الكفار لا سيما قوله تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} يقتضي جهادهم من حيث هم منافقون لأن تعليق الحكم باسم مشتق مناسب يدل على أن موضع الاشتقاق هو العلة فيجب أن يجاهد لأجل النفاق كما يجاهد الكافر لأجل الكفر.

ومعلوم أن الكافر إذا أظهر التوبة من الكفر كان تركا له في الظاهر ولا يعلم ما يخالفه.

أما المنافق فإذا أظهر الإسلام لم يكن تركا للنفاق لأن ظهور هذه الحال منه لا ينافي النفاق ولأن المنافق إذا كان جهاده بإقامة الحد عليه كجهاد الذي في قلبه مرض وهو الزاني إذا زنى لم يسقط عنه حده إذا أظهر التوبة بعد أخذه لإقامة الحد عليه كما عرفت ولأنه لو قبلت علانيتهم دائما مع ثبوت ضدها لم يكن إلى الجهاد على النفاق سبيل فإن المنافق إذا ثبت عنه أنه أظهر الكفر فلو كان إظهار الإسلام حينئذ ينفعه لم يمكن جهاده.

ويدل على ذلك قوله: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} دلت هذه الآية على أن المنافقين إذا لم ينتهوا فإن الله يغري نبيه بهم وأنهم لا يجاورونه بعد الإغراء بهم إلا قليلا وأن ذلك في حال كونهم ملعونين أينما وجدوا وأصيبوا أسروا وقتلوا وإنما يكون ذلك إذا أظهروا النفاق لأنه ما دام مكتوما لا يمكن قتلهم.

وكذلك قال الحسن: أراد المنافقون أن يظهروا ما في قلوبهم من النفاق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015