وذلك دليل على أنهم يقتلون إذا ثبت ذلك عليهم بالبينة لوجوه.
أحدها: أنهم لو كانوا إذا أظهروا التوبة قبل ذلك منهم لم يحتاجوا إلى الحلف والإنكار ولكانوا يقولون: قلنا وقد تبنا فعلم أنهم كانوا يخافون إذا ظهر ذلك عليهم أنهم يعاقبون من غير استتابة.
الثاني: أنه قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} واليمين إنما تكون جنة إذا لم نأت ببينة عادلة تكذبها فإذا كذبتها بينة عادلة انخرقت الجنة فجاز قتلهم ولا يمكنه أن يجتن بعد ذلك إلا بجنة من جنس الأولى وتلك جنة مخروقة.
الثالث: أن الآيات دليل على أن المنافقين إنما عصم دماءهم الكذب والإنكار ومعلوم أن ذلك إنما يعصم إذا لم تقم البينة بخلافه ولذلك لم يقتلهم النبي صلى الله عليه وسلم.
ويدل على ذلك قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} الآية وقوله تعالى في موضع آخر: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} قال الحسن وقتادة: "بإقامة الحدود عليهم" وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه" وعن ابن عباس وابن جريج: "باللسان وتغليظ الكلام وترك الرفق".
ووجه الدليل أن الله أمر رسوله عليه الصلاة والسلام بجهاد المنافقين كما أمره بجهاد الكافرين وأن جهادهم إنما يمكن إذا ظهر منهم من القول أو الفعل ما يوجب العقوبة فإنه ما لم يظهر منه شيء البتة لم يكن لنا سبيل عليه فإذا ظهر منه كلمة الكفر فجهاده القتل وذلك يقتضي أن لا يسقط عنه بتجديد الإسلام