والفضة والبر والشعير والتمر والملح ونص على أن من زاد أو استزاد فقد أربى وأن الآخذ والمعطي فيه سواء، ونهى عن بيع الذهب بالذهب والورق بالورق إلا وزنًا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد، وقال: «لا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائبا بناجز» وغلَّظ في الإنكار على من باع صاعين من التمر الرديء بصاع من التمر الطيب وقال: «أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل» وفي رواية أنه قال: «أوه عين الربا لا تقربه» وفي رواية أنه قال: «هذا الربا فردوه» وفي رواية أنه قال: «إن هذا لا يصلح» فهذه النصوص الصريحة تعادل النصوص في وضع ربا الجاهلية وتزيد عليها بالتغليظ في الإنكار على من أربى في بيع التمر الرديء بالتمر الطيب والأمر برد البيع. وفي كل نص من هذه النصوص أبلغ رد على الاتجاه الذي ذكره الفتان وزعم أن فيه تضييقًا لمنطقة الربا. وقد ذكرتُ فيما تقدم قريبا من ثلاثين حديثا في النهي عن ربا الفضل وربا النسيئة فلتراجع (?) ففي كل حديث منها أبلغ رد على الاتجاه الذي ذكره الفتان وزعم أن فيه تضييقا لمنطقة الربا.
فصل
قال الفتان: "فنحن إذًا نواجه- إذا أضفنا اتجاه ابن عباس- اتجاهات ثلاثة متدرجة في التضييق من منطقة الربا. أقلها تضييقا لهذه المنطقة هو اتجاه ابن رشد وابن القيم الذي يميز ما بين ربا الفضل وربا النسيئة. فالأول هو ربا خفي، والثاني هو الربا الجلي، ثم يتلوه في التضييق الاتجاه الثاني وهو الذي يميز ما بين الربا الوارد في الحديث الشريف والربا الوارد في القرآن الكريم، فالثاني دون الأول هو الربا الجلي، وأشد الاتجاهات تضييقا لمنطقة الربا هو الاتجاه الثالث الذي كان عبد الله بن عباس يتزعمه وهو لا يعتمد إلا بالربا الوارد في القرآن الكريم وهو ربا الجاهلية فهو وحده الذي يحرمه ولا يحرم غيره من ضروب الربا فضلا كان أو نسيئة".
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن يقال: كل هذه الاتجاهات مردودة بالنصوص الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان ينهى عن ربا الفضل وربا النسيئة في الأصناف الستة وهي الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح. وقد ذكرتُ الأحاديث الواردة في ذلك في أول الكتاب فلتراجع (?). وقد جاء في بعضها النص على ...........................