أن من زاد أو استزاد فقد أربى وأن الآخذ والمعطي فيه سواء، وجاء في بعضها الأمر برد البيع والتغليظ في الإنكار على من أربى في بيع التمر الرديء بالتمر الطيب. ولا قول لأحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن عارض شيئا من أقواله - صلى الله عليه وسلم - بآراء الناس واتجاهاتهم فهو على شفا هلكة.
الوجه الثاني: أن يقال: إن ابن رشد ليس له اتجاه يخالف ما جاء في الأحاديث الصحيحة وما أجمع عليه العلماء من أن الربا صنفان نسيئة وتفاضل وأن الربا في هذين النوعين ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسيأتي نص كلامه في الفصل الذي بعد هذا الفصل -إن شاء الله تعالى-.
الوجه الثالث: أن يقال: قد تقدم في الفصل الذي قبل هذا الفصل ذكر النصوص الدالة على أن ربا الفضل وربا النسيئة في الأصناف الستة من الربا الجلي وليس من الربا الخفي فلتراجع (?) ففيها أبلغ رد على الفتان.
الوجه الرابع: أن يقال: ما ذكره الفتان عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان لا يُحرِّم إلا ربا أهل الجاهلية وحده ولا يحرم غيره من ضروب الربا فضلا كان أو نسيئة فهو غلط على ابن عباس -رضي الله عنهما-؛ لأن ابن عباس -رضي الله عنهما- لم يحصر الربا في ربا أهل الجاهلية كما زعم ذلك الفتان، وإنما كان في أول أمره يفتي بجواز المفاضلة في الصرف إذا كان يدًا بيد ولا يرى الجواز إذا كان ذلك نسيئة، وكان يستدل لرأيه هذا بالحديث الذي جاء فيه: «إنما الربا في النسيئة» حتى أنكر عليه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- وقال له: "ألا تتقي الله؟! إلى متى تؤكل الناس الربا". وفي رواية أنه قال له: "أكلت الربا وأطعمته"، وأنكر عليه أيضا أبو أسيد الساعدي وأغلظ له القول فرجع عن قوله في الصرف ووافق ما عليه الجماعة واستغفر الله وتاب إليه مما كان يفتي به، ثم كان بعد ذلك ينهى عنه أشد النهي، وقد ذكرت الآثار الدالة على رجوعه عن رأيه في الصرف وموافقته الجماعة في الفصل الذي بعد ذكر الإجماع على تحريم الربا فلتراجع (?) ففيها أبلغ رد على الفتان الذي قد تعلق برأي ابن عباس الذي قد رجع عنه واستغفر الله وتاب إليه منه.
الوجه الخامس: أن يقال: إنه لم يأت في القرآن نص يدل على أن ربا أهل الجاهلية ..