بتحليل الربا سوى ما كان منه على طريقة أهل الجاهلية، وقد صرح في عدة مواضع من بحثه بتحليل ربا الفضل للمصلحة والحاجة وتحليل ربا النسيئة للضرورة (?)، وصرح أيضا أن الفائدة - يعني النسبة الربوية في المصارف - جزء من ربح المضاربة (?)، وصرح أيضا أن المعاملات المصرفية معاملات جديدة لا تخضع في حكمها للنصوص القطعية التي وردت في القرآن بشأن حرمة الربا (?)، وهذه العبارة صريحة في الرد على الله -تعالى- وعدم الرضا بحكمه الذي أنزله في كتابه، ثم زعم أنه يجب عليه النظر في المعاملات المصرفية من خلال مصالح العباد وحاجاتهم وشبَّهها ببيع السلم (?)، وهذا صريح في الحكم فيها بغير ما أنزل الله في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأما تشبيهها ببيع السلم فإنه صريح في الاقتداء بأهل الجاهلية الذين أخبر الله عنهم أنهم قالوا: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}. وصرح أيضًا أن حظر المعاملات - يعني الربوية - في المصارف والحكم بأنها من الربا المقطوع به يوقع العباد في حرج من معاشهم (?)، وصرح أيضا أن المصارف تقرض بأجل وأن من حق المتعامل أن يستفيد به وأن أي إنكار له هو تخريج من بعيد ومتكلف (?)، إلى غير ذلك من أنواع الجهل الذي قد حكم به الفتان في بحثه المشئوم.
الوجه الثالث: أن يقال: إن الجهد الذي قدمه الفتان في بحثه كله خطأ مخالف لنصوص القرآن والسنة على تحريم الربا تحريمًا مطلقًا يشمل جميع أنواعه، ومخالف أيضًا لإجماع المسلمين على تحريم الربا. وما كان بهذه الصفة فليس فيه اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو صريح في معارضته ونبذ أحاديثه المتواترة عنه في النهي عن الربا والتشديد فيه وراء الظهر، وما أعظم الخطر في هذا.
فصل
وأختم الرد على الفتان بذكر قصتين وقعتا لبعض المرابين الذين يعذبون في القبور، وفيهما عبرة لمن اعتبر.