فأما القصة الأول: فقد ذكرها ابن حجر الهيتمي في أثناء مقدمته لكتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) قال: "كنت وأنا صغير أتعاهد قبر والدي فخرجت يوما بعد صلاة الصبح بغلس في رمضان فلما جلست عند قبره ولم يكن بالمقبرة أحد غيري إذا أنا أسمع التأوه العظيم والأنين الفظيع بآه آه آه وهكذا بصوت أزعجني من قبر مبنى بالنورة والجص له بياض عظيم فاستمعت فسمعت صوت ذلك العذاب من داخله وذلك الرجل يتأوه تأوها عظيما بحيث يقلق سماعه القلب ويفزعه، فاستمعت إليه زمنا فلما وقع الإسفار خفي حسه عني فمر بي إنسان فقلت: قبر من هذا؟ قال: هذا قبر فلان لرجل أدركته وأنا صغير وكان على غاية من ملازمة المسجد والصلوات في أوقاتها والصمت عن الكلام، وهذا كله شاهدته وعرفته منه فكبر عليَّ الأمر جدًا لما أعلمه من أحوال الخير التي كان ذلك الرجل متلبسًا بها في الظاهر فسألت واستقصيت الذين يطلعون على حقيقة أحواله فأخبروني أنه كان يأكل الربا فأوقعه ذلك في العذاب الأليم، ولما قلت ذلك لبعض أهل بلده قال لي: أعجب منه عبد الباسط رسول القاضي فلان، وهذا الرجل أعرفه أيضا كان رسولاً للقضاة أول أمره ثم صار ذا ثروة، فقلت: وما شأنه؟ قال: لما حفرنا قبره لننزل عليه ميتًا آخر رأينا في رقبته سلسلة عظيمة ورأينا في تلك السلسلة كلبًا أسود عظيما مربوطا معه في تلك السلسلة وهو واقف على رأسه يريد نهشه بأنيابه وأظفاره فخفناه خوفا عظيما وبادرنا برد التراب في القبر.
قالوا: ورأينا فلانًا عن رجل آخر لما حفرنا قبره لم يبق منه إلا جمجمة رأسه فإذا فيها مسامير عظيمة القدر عريضة الرؤوس مدقوقة فيها كأنها باب عظيم فتعجبنا منه ورددنا عليه التراب.
قالوا: وحفرنا عن فلان فخرجت لنا حية عظيمة من قبره ورأيناها مطوقة به فأردنا دفعها عنه فتنفست علينا حتى كدنا كلنا نهلك عن آخرنا". انتهى ما ذكره الهيتمي.
وأما القصة الثانية: فقد ذكرها الشيخ محمد بن أحمد السفاريني في كتابه المسمى بـ (البحور الزاخرة في علوم الآخرة) قال: "أخبرني بعض إخواني وهو عندي غير متهم أن رجلاً من بلدهم ماتت زوجته، قال: وكانت تتعاطى الربا – بالباء الموحدة – فلما سمعها أخذته الحشمة (?) من أجلها وكان ذا شدة وبأس فأخذ سلاحه وذهب إلى عند ..........