أحمد والبخاري ومسلم وأهل السنن، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، قال: "وفي الباب عن ابن أبي أوفى وعبد الرحمن بن أبزى". انتهى، وفي رواية للبخاري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أسلف في شيء ففي كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم».
وروي الإمام أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن أبي أوفي -رضي الله عنهما- قال: "كنا نسلف على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- في الحنطة والشعير والزبيب والتمر"، وعن عبد الرحمن بن أبزي مثل ذلك.
فهذا هو السلم الذي أجازه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يعمل به في عهده وعهد أصحابه -رضي الله عنهم-، فأما دفع النقود إلى من يضمنها للدافع ويعطيه معها نسبة معلومة من جنسها في كل عام فهذا عين الربا الذي تظافرت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع على تحريمه وورد الوعيد الشديد عليه في القرآن والسنة، ومن جعل هذا العمل الربوي نظيرا للسلم فقد تعدى حدود الله وشرع من الدين ما لم يأذن به الله وبارز الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بالمحاربة، فلا يأمن الفتان وأعوانه أن يكون لهم نصيب وافر من تعدي حدود الله ومبارزة الله ورسوله بالمحاربة.
فصل
وقال الفتان: "إن المصارف والأعمال المصرفية حاجة من حاجات العباد لا تتم مصالح معاشهم إلا بها، ولذلك فإن من غير الجائز التسرع والحكم عليها بأنها من الربا المقطوع فيه؛ وذلك لأن حظرها يوقع العباد في حرج معاشهم لا مثيل له، بل إن حظرها يهدد كيان الدولة والأمة الإسلامية ويقضي نهائيا على مصالحهم الاقتصادية ويجعلهم تحت رحمة أعدائهم وأعداء دينهم الذين يتحكمون في ثرواتهم بل يستخدمونها لزيادة قوتهم ضد أمة الإسلام".
والجواب: أن يقال: إن كلام الفتان في هذه الجملة مبني على المجازفة والهذيان الذي يتنزه عنه كل عاقل، فأما زعمه أن المصارف والأعمال المصرفية حاجة من حاجات العباد لا تتم مصالح معاشهم إلا بها.
فجوابه من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إن كلامه في هذه الجملة قد جاء بلفظ العموم الذي يشمل جميع العباد منذ زمان آدم -عليه الصلاة والسلام- إلى زماننا فكلهم ........