الرد على ما نسبه للعلماء من جعل المعاملات الربوية في المصارف نظير السلم

إباحة السلم الذي هو من البيوع الجائزة بنص السنة، وهذا قياس فاسد؛ لأنه يتضمن معارضة النصوص على تحريم الربا ومعارضة الإجماع على ذلك، ولا قياس مع وجود النص من الكتاب أو السنة ولا مع وجود الإجماع، وعلى هذا فلا يأمن الفتان أن يكون له نصيب وافر مما توعد الله به الذين يأكلون الربا ويجعلونه نظير البيع.

وأما قوله: إن العلماء اعتمدوا على السلم وعلى أمثاله من نصوص الشريعة في إباحة الحاجات التي لا تتم مصالح الناس في معاشهم إلا بها.

فجوابه من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إن مراد الفتان بإباحة الحاجات التي زعم أن مصالح الناس في معاشهم لا تتم إلا بها إباحة الربا في المعاملات المصرفية الجديدة، وقد طنطن بذلك في مواضع كثيرة من كلامه الذي تقدم ذكره والرد عليه وبيان أنه من الشرع في الدين بما لم يأذن به الله.

الوجه الثاني: أن يقال: ما ذكره عن العلماء على وجه الإطلاق الذي يشمل جميع العلماء لا يخلو فيه من الكذب على العلماء؛ لأن المتمسكين منهم بالكتاب والسنة قد أجمعوا على تحريم الربا تحريما مطلقا يشمل جميع أنواعه، ولم يستثنوا شيئا من المصالح والحاجات إلا ما استثناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بيع العرايا بخرصها، وأما المتحيلون على تحليل الربا في المصارف وصناديق التوفير ممن كانوا في القرن الرابع عشر من الهجرة فما بعده فليسوا بأهل أن يقتدي بهم، وقد تقدم كلام الشيخ أحمد محمد شاكر ومحمود شلتوت في ذمهم والتحذير من أقوالهم الباطلة فليراجع (?).

الوجه الثالث: أن يقال: إن نصوص الشريعة قد جاءت بتحريم الربا على وجه العموم الذي يشمل جميع أنواع الربا، وقد ذكرتها في أول الكتاب فلتراجع (?). ومن زعم أن نصوص الشريعة تدل على إباحة الربا في المصارف وأن إباحته نظير إباحة السلم فقد افترى على الشريعة وألصق بها ما ليس منها.

الوجه الرابع: أن يقال: إن السلم الذي كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهد أصحابه -رضي الله عنهم- إنما هو في الثمار لا في الدراهم بالدراهم، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: «من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم» " رواه الإمام .......

طور بواسطة نورين ميديا © 2015