المصارف: "إنها من المضاربة"، وقوله أيضًا: "إن الفائدة - يعني النسبة الربوية - جزء من ربح المضاربة"، وقد استشهد لهذا القول الباطل بأقوال باطلة لمحمد عبده وغيره من الذين أباحوا المعاملات الربوية في المصارف وجعلوها من المضاربة، وقد أطال الفتان الكلام في هذا بما لا حاصل تحته.
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إن الفتان قد اضطرب كلامه في حكم المعاملات الربوية في المصارف، ففي هذه الجملة جعلها من المضاربة، وفيما تقدم قريبا (?) جعلها من العقود التجارية وقال: "إنها تجارة من نوع جديد"، ونقل عن رشيد رضا أنه قال: "هي من قسم البيع"، واستدل الفتان لهذا القول الباطل بقول الله -تعالى-: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، وقد جعلها في أول نبذته من القرض بفائدة - أي من القرض الذي يجر منفعة - وهو نوع من أنواع الربا، وهو ربا أهل الجاهلية، ذكر ذلك الجصاص في كتابه (أحكام القرآن) وقد ذكرت كلامه فيما تقدم فليراجع (?)، وليراجع أيضا (?) قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- أن لفظ الربا يتناول كل ما نهى عنه من ربا النسأ وربا الفضل والقرض الذي يجر منفعة وغير ذلك، وقال: فالنص متناول لهذا كله. انتهى، وليراجع أيضا قول ابن حجر الهيتمي (?) "إن الربا ثلاثة أنواع: ربا الفضل وربا اليد وربا النسأ، وزاد المتولي نوعًا رابعًا وهو ربا القرض، لكنه في الحقيقة يرجع إلى ربا الفضل، لأنه الذي فيه شرط يجر نفعًا للمقرض فكأنه أقرضه هذا الشيء بمثله مع زيادة ذلك النفع الذي عاد إليه، قال: وكل من هذه الأنواع الأربعة حرام بالإجماع وبنص الآيات والأحاديث، وما جاء في الربا من الوعيد شامل للأنواع الأربعة". انتهى المقصوص من كلامه.
الوجه الثاني: أن يقال: إن إدخال الفتان للمعاملات الربوية في باب المضاربة خطأ وتلبيس على الجهال، وكذلك تسميته الزيادة الربوية التي يدفعها أهل المصارف إلى أهل الأموال باسم الفائدة وزعمه أنها جزء من ربح المضاربة خطأ أيضا وتلبيس على الجهال؛ لأن المضاربة يشترط فيها تقدير نصيب العامل بجزء مشاع معلوم من الربح، وذلك بأن يقول صاحب المال للعامل: خذ هذا المال مضاربة ولك نصف .........................