كل ما نهى عنه من ربا النسأ وربا الفضل والقرض الذي يجر منفعة وغير ذلك، فالنص متناول لهذا كله". انتهى.
وأما حصر الربا المحرم في ربا النسيئة الذي كان معروفًا في الجاهلية فهو من التحكم والقول في القرآن بغير علم، ومن الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه، وقد قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}، وقال -تعالى-: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}، قال ابن الجوزي في تفسيره: "الذكر هو القرآن بإجماع المفسرين"، وقال البغوي: "بيان الكتاب يُطلب من السنة". انتهى، وقد دلت الآيتان على أن كل ما نهي عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أنواع الربا فهو مما أمره الله بتبليغه وبيانه للناس مما قد تضمنته نصوص القرآن، ويدل على ذلك أيضًا قول الله -تعالى-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} وفي الحديث الذي رواه الدارمي والترمذي وحسنه، وابن ماجة عن المقدام بن معد يكرب -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا وإن ما حرم رسول الله فهو مثل ما حرم الله» وهذا الحديث يدل على أن ما حرمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أنواع الربا فهو مساو في التحريم لما جاء في القرآن، وفيه أبلغ رد على الشبه التي لفقها الفتان لتحليل الربا في المصارف.
فصل
وقد لفق الفتان أيضًا شبها للتحيل على تحليل الربا في المصارف، وهي شبه مبنية على التفريق بين المعاملات الربوية في المصارف وبين الربا الذي حذر منه القرآن، وليس في هذه الشبه ما يستحق الجواب؛ لأن الفتان قد كررها فيما تقدم من كلامه، وتقدم الرد عليها في مواضع كثيرة، ومنها الفصل الذي قبل هذا الفصل فليراجع ففيه كفاية في الرد على الفتان، وقد ذكر الفتان في أثناء شبهه عن المرابين أنهم لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، وزعم أن ذلك يقع لهم في الدنيا، وهذا من القول في القرآن بغير علم، وقد تقدم الرد عليه في أول الكتاب فليراجع (?).
فصل
ومن شبه الفتان أيضًا وحيله على استحلال الربا قوله في المعاملات الربوية في .......