يقول: إذا عدَّ نفره لم يعدَّ معهم، كأنه قال: قتله الله، أماته الله، حتى لا يعدَّ. ومنه قولهم: "هوَتْ أمُّه. وهَبِلَتْهُ، وثكلَته" قال: كعب بن سعد يرثي أخاه1:
هَوَتْ أمُّهُ ما يَبْعَثُ الصبحُ غادياً ... وماذا يؤَدّى الليلُ حينَ يؤوبُ
وهذا يكون عند التعجب من إصابة الرجُل في رميْه أو في فعل يفعله وكان عبد الله بن مسلم بن قتيبة يقول في هذا الباب: من ذلك الدعاءُ على جهة الذم لا يراد به الوقوعُ كقوله الله جل ثناؤه: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} 2، و {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} 3. و {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} 4" وأشباه ذلك.
قال أحمد بن فارس: وهذا وإن أشبه ما تقدم ذكره فإنه لا يجوز لأحد أن يُطلق فيما ذكره الله جلّ ثناؤه أنه دعاء لا يراد به الوقوع، بل هو دعاء عليهم أراد الله وقوعه بهم فكان كما أراد، لأنهم قُتلوا وأهلكوا وقوتلوا ولُعنوا، وما كان الله جلّ ثناؤه ليدعوَ على أحد فتَحِيدَ الدعوة عنه: قال الله جلّ ثناؤه: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} 5 فدعا عليه ثم قال: {وَتَبَّ} أيّ وقد تبّ وحاق به التبَّاب.
وابن قتيبة يُطِلق إطلاقات منكرةً ويروي أشياءَ شنعة، كالذي رواه عن الشَّعْبِيّ أنَّ أبا بكر وعمر وعليّاً توُفوا ولم يجمعوا القرآن. قال: وروى شَريك عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت الشَّعبي يقول ويحلف بالله: لقد دخل علي حُفرته وما حِفظ القرآن. وهذا كلام شنع جدّاً في من يقول "سَلُوني قبل أن تَفقِدوني، سلوني فما من آية إلاَّ أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل".
وروى السُّدّيّ عن عبدِ خيرٍ عن عليَّ رضي الله تعالى عنه أنه رأى من الناس طَيْرَةً عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقسَمَ ألاَّ يضع على ظهره رداءً حتى يجمع القرآن قال: فجلس في بيته حتّى جمع القرآن، فهو أول مصحف جُمع فيه القرآن، جَمعه