الماء بل أظهرته، و"عنوان الكتاب" من هذا. وقال آخرون: "المعنى" مشتق من قول العرب "عَنتِ الأرض بنبات حسن" إذا أنبتت نباتاً حسناً. قال الفراء: "لم تَعْنُ بلادنا بشيء" إذا لم تُنبت وحكى ابن السّكِّيت: "لم تَعْنِ" من "عَنَتْ. تعني" فإن كان هذا فإنَّ المراد بالمعنى الشيء الذي يفيده اللفظ كما يقال: "لم تَعْنِ هذه الأرض" أي لم تُفِدْ.
وأما "التفسير" فإنه "التفصيل" كذا قال ابن عباس في قوله جلّ ثناؤه: {وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} 1 أي: تفصيلاً.
وأما اشتقاقه فمن "الفَسر". أخبرني القطّان عن المَعْدَانّي عن أبيه عن معروف عن الليث عن الخليل قال: الفسر البيان، واشتقاقه من فَسرِ الطبيب للماء إذا نظر إليه، ويقال لذلك: "التَّفْسِرَة" أيضاً.
وأما "التَّأْويل" فآخِرُ الأمر وعاقبته. يقال: "إلى أي شيء مآل هذا الأمر?" أي مَصيرُهُ وآخِره وعقباه. وكذا قالوا في قوله جلّ ثناؤه: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهِ} 2 أي: لا يعلم الآجال والمُدَدَ إلاَّ الله جلّ ثناؤه، لأن القوم قالوا في مدّة هذه الملة ما قالوه، فأُعلموا أن مآل الأمر وعقباه لا يعمله إلا الله جل ثناؤه.
واشتقاق الكلمة من "المآل" وهو العاقبة والمصير، قال عَبْدَةُ بن الطبيب3:
ولِلأَحِبَّة أيام تَذَكَّرُها ... ولِلنّوى قبل يوم البين تأويلُ
وقال الأعشى4:
على أنًّها كانَتْ تَأَوُّلُ حُبِّها ... تَأّوُّلَ رِبِعِيِّ السِّقاب فأَصْحَبَا
يقول: إن حبّها كان صغيراً في قلبه فآلَ إلى العِظَم ولم يزل يَنْبُت حتى أصْحَبَ، فصار كالسَّقب الذي لم يزل يَشِبُّ حتى أصحب، يعني أنه إذا استصحبَتْه أمّه صَحِبَها.