يُروى أن أول من كتب الكتاب العربيَّ والسّريانيّ والكُتُب كلها آدم عليه السلام، قبل موته بثلاثمائة سنة، كتبها فِي طين وطبخه. فلما أصاب الأرضَ الغرق وجد كلُّ قوم كتاباً فكتبوه، فأصاب إسماعيلُ عليه السلام الكتابَ العربيّ.
وكان ابنُ عباس يقول: "أوّلُ من وضع الكتاب العربيّ إسماعِيلُ عليه السلام، وضعه عَلَى لفظه ومَنْطِقه".
والرواياتُ فِي هَذَا الباب تكثر وتختلف.
والذي نقوله فِيهِ: إن الخطّ توقيف، وذلك لِظاهِر قوله عز وجل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} 1 وقال جلَّ ثناؤه: {وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} 2 وإذا كَانَ كذا فليس ببعيد أن يوَقِّفَ آدمَ عليه السلام أن غيرَه من الأنبياء عليهم السلام عَلَى الكتاب.
فأما أن يكون مُخْتَرَع اخترعه من تِلْقاءِ نفسه, فشيءٌ لا تَعْلم صِحته إِلاَّ من خبر صحيح.
وزعم قوم أن العرب العاربة3 لَمْ تعرف هَذِهِ الحروف بأسمائها، وأنهم لَمْ يعرفوا نحواً ولا إعراباً ولا رفعاً ولا نصباً ولا همزاً. قالوا والدليل عَلَى ذَلِكَ مَا حكاه بعضهم عن بعض الأعراب أنه قيل لَهُ: أتهمز إسرائيل? فقال: "إني إذن لَرَجُل سوء! " قالوا: وإنّما قال ذَلِكَ لأنه لَمْ يعرف من الهمز إِلاَّ الضغط والعصر. وقيل لآخر: أتجرُّ فلسطين? فقال: "إني إذن لقويٌّ! ". قالوا: وسُمع بعض فصحاء العرب يُنشد:
نحن بني عَلْقمةَ الأخيارا