النقطة الرابعة في أهمية دراسة حادث الاستخلاف: أنه تبعه أحداث جسام في حياة المسلمين، ما كانت لتتم لولا أن اختار المسلمون أبا بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ليكون خليفة للمسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالرجل له طابع يختلف كثيراً عن كثير من الصحابة، وسنتعرف عليه -إن شاء الله- في هذه الحلقات، وستشعر كم كان الله رحيماً بالمؤمنين، ومسدداً لخطاهم لما يسر لهم اختيار هذا الصحابي الجليل لهذه المهمة الثقيلة، مهمة خلافة المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنهما على سبيل المثال: حروب الردة، وسنفرد لها -إن شاء الله- مجموعة خاصة من المحاضرات بعد أن ننتهي من هذه المحاضرات، وسترون فيها أنه لولا أبي بكر الصديق لما ثبت المسلمون في فتنة الردة العظيمة.
يقول أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه: والذي نفس أبي هريرة بيده! لولا الصديق استخلف لما عبد الله في الأرض.
ومنها على سبيل المثال أيضاً: الفتوح الإسلامية العجيبة لدولتي فارس والروم، إنها أحداث من العجب أن تتكرر على هذه الصورة إلا بقيادة مثل قيادة أبي بكر الصديق، وقد يكون من السهل على من تبعه من خلفائه أن يقوموا بالفتوح من بعده؛ لأنه فتح لهم الطريق، لكن يبقى الأثر أعمق، والأجر أعظم لمن بدأ بسن سنة حسنة تبعه فيها الآخرون.
فحادث الاستخلاف هو النقطة التي انطلقت منها الأمة إلى هذه الأحداث الجسام، ولابد أن دراسة هذه الفترة ستلقي بظلال هامة على هذه الأحداث العجيبة.