النقطة الخامسة والأخيرة في أهمية دراسة هذا الحدث الخطير: أنه كثر طعن المستشرقين وأتباعهم في كل من شارك في هذه العملية الهامة، فلم يتركوا أحداً، وطعنوا في كل الرموز الإسلامية العظيمة، وأظهروا الأمر على أسوأ ما يكون، فطعنوا في أبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح وعائشة وسعد بن عبادة وزيد بن ثابت وأبي هريرة والسيدة فاطمة رضي الله عنهم أجمعين، بل طعنوا في علي بن أبي طالب في صورة الثناء، وذموه في صورة المدح، وطعنوا في العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعنوا في معظم -أو قل: في كل- صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وخلاصة الأمر: أنهم أخرجوا لنا صورة مهلهلة قبيحة لخير الأجيال وخير القرون، فإن كانوا هم كذلك كما يقولون فأي خير يرتجى فيمن جاء من بعدهم؟ وأخطر من ذلك: إن كانوا هم كذلك فكيف نأخذ ديننا عن طريقهم؟ وكيف نقبل باجتهادهم؟ فالمستشرقون بذلك يضربون الدين في عمقه، ويدمرون الإسلام في أصوله، وهذا الكلام ليس تاريخاً قديماً فعله بعض المستشرقين في السابق، والحال الآن غير كذلك، بل هذا الكلام ما زال يتردد في أفواه بعض من يدرسون التاريخ في الجامعات المتخصصة التي تدرس التاريخ، سواء في الجامعات المحلية أو في الجامعات الغربية التي تفتح فروعاً في البلاد الإسلامية، وبالطبع يردد أيضاً بكثرة في الجامعات الغربية في خارج الأقطار الإسلامية؛ وذلك لتشويه صورة الإسلام والمسلمين.
وهنا وجب علينا أن ندفع هذه الشبهات، وأن نوضح للناس الصورة الحقيقية للأحداث التي تمت بخصوص قصة استخلاف أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، ورضي الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعين.
لهذه الأسباب مجتمعة فإننا نستعين بالله في شرح هذا الحدث، وسنتبعه بغيره إن شاء الله؛ فتاريخ المسلمين بحق بحر لا ساحل له.