حكم مرتكب الكبيرة:

قبل معرفة حكم الكبيرة أذكر تعريف الكبيرة، فأقول:

اختلف السلف في تعريف الكبيرة إلى أقوال متعددة:

فقيل: هي كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب.

وقيل: هي ما أوعد الله عليه حداً في الدنيا أو عذاباً في الآخرة.

وقيل: هي ما كانت المظالم فيه بين العباد أنفسهم.

وقل: هي ما سماه الله في القرآن كبيراً أو عظيماً.

وقيل: غير ذلك1.

ومن أجمع التعاريف للكبيرة: أنها كل معصية فيها حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة أو ورد فيها وعيد بنفي إيمان أو لعن ونحوهما2.

أما حكم مرتكب الكبيرة:

فإن نصوص الكتاب والسنة تدل دلالة واضحة على أن مرتكب الكبيرة لا يكفر ولا يخرج من الدين بسبب ارتكابه للكبيرة، وإنما ينقص إيمانه فلا يذهب عنه الإيمان بالكلية بل يبقى معه مطلق الإيمان.

وارتكاب الكبيرة ليس سبباً للخلود في النار فلا يخلد أحد في النار بسبب ارتكاب الكبيرة؛ لأنه لا يوجب الخلود في النار إلا الإشراك بالله.

وهذا هو قول أهل السنة والجماعة، وأدلة الكتاب والسنة جمعيها متضافرة على تقريره وتأصيله والرد على من خالفه.

أما الخوارج: فقد كفروا مرتكب الكبيرة وأخرجوه من الدين بالكلية وأوجبوا له الخلود في النار.

وأما المعتزلة فقد وافقوا الخوارج في خلود مرتكب الكبيرة في النار، وأما في الدنيا فهو عندهم ليس مؤمناً ولا كافراً، وإنما في منزلة بين المنزلتين.

وأما المرجئة الخالصة: فقالوا: "إنه لا يضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة". فمرتكب الكبيرة عندهم مؤمن كامل الإيمان ولا يستحق دخول النار.

وهذه الفرق كلها جانبت الصواب، وخالفت نصوص الكتاب والسنة والمذهب الحق في ذلك هو مذهب أهل السنة والجماعة؛ لدلالة نصوص الكتاب والسنة عليه وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015