تعرضت لأهمية تفعيل حقيقة الشوى في الشعوب الإسلامية وأهم الوسائل والرؤى التي تساعد على عودة الشورى إلى حياتهم، كتفعيل المجتمع المدني والمؤسسات الشعبية، ورفض الهالات والقداسة عن الرؤساء والحكام، والإصرار على أن الحكم الإسلامي مدني لا عسكري، ومواجهات التحديات الحضارية، والحرص على حرية البحث العلمي وإستقلاليته والإستجابة لمتطلبات الشعوب والتغيرات التي تحدث في المجتمعات وفق مقاصد الشريعة، وإشاعة ثقافة الشورى في الأُسر والمدارس، والنوادي والجامعات، والروابط والنقابات، ومحاربة الإستبداد والتصدي له، فالإستبداد لا ينتمي إلى الإسلام البتة، بل أنه نقيض الشورى حتماً وفيه من الصفات والأوصاف ما يعكس خلاف الشورى في كل صغيرة وكبيرة وعلى حد توصيف الكواكبي له، حيث يقول: إذا أراد الإستبداد أن يحتسب وينتسب، لقال: أنا الشر، وأبي الظلم وأمي الإساءة، وأخي الغدر، وأختي المسكنة، وعمي الضرر، وخالي الذل، وابني الفقر، وبنتي البطالة، ووطني الخراب، وعشيرتي الجهالة (?).

قلت ولو احتسبت الشورى وانتسبت لقالت: أنا الخير، وأبي العدل، وأمي الإحسان، وأخي الوفاء، وأختي العزة، وعمي النفع، وخالي الرفعة، وابني الغنى، وبنتي العمل، ووطني العمار، وعشيرتي العلم.

إن تقدم الشعوب وقدرتها على مواجهة التحديات الحضارية يعتمد على نشر العدل وإعطاء الحقوق السياسية لأفرادها وجماعاتها، بكافة أنواعها، ولقد عاشت أمتنا الإسلامية في أوج حضارتها وتقدمها، عندما كانت تحافظ على هذه الحقوق وتعطي كل ذي حق حقه وهوت وسقطت لما تجاوزت تلك الحقوق.

إن فلسفة الحكم في الدولة المدنية الحديثة التي مرجعيتها الإسلام ترتكز على الشورى، التي ذكرت في القرآن الكريم ومارسها الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، فقد عرفت طريقها إلى الحياة السياسية وأصبحت من ركائز الدولة في عصر صدر الإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015