تلك المنافرات التي امتلأت بها أخبار العصر الجاهلي، وذلك الفخر الذي تدوي أصداؤه في قصائد شعرائه. ومما شجع على هذا الإيمان بامتياز الجنس في نفوس أبناء القبيلة صلات العداوة بين القبائل المختلفة التي كانت تسيطر على الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي، فقد "كانت كل قبيلة تؤلف وحدة مناوئة لكل القبائل الأخرى"1.
وقد نشأ عن هذا "الإيمان بوحدة الجنس وامتيازه" طائفة من التقاليد تنظم العلاقات بين الطبقات الاجتماعية في القبيلة.
والناظر في تكوين القبيلة الاجتماعية يستطيع أن يميز ثلاث طبقات اجتماعية: الصرحاء، والعبيد، والموالي.
أما الصرحاء فهم في عرف القبيلة أبناؤها ذوو الدم النفي الذي لا تشوبه شائبة، الذين ينتمون جميعا إلى أب واحد، والذين تتمثل فيه العصبية القبلية بأقوى معانيها. ومنهم تتكون الطبقة "الأرستقراطية" في القبيلة، وفيهم رياستها، وبيوتات الشرف فيها. وتعتمد هذه "الأرستقراطية" أول ما تعتمد على النسب2، ومن هنا كان حرص هذه الطبقة على أن يظل دمها نقيا، وعلى أن تجمع الشرف من "كلا طرفيه": الآباء والأمهات، فلا يكون في أحد طرفي الشرف ما يشينه3.
وأما طبقة العبيد فقد كانت تتألف من عنصرين: عنصر عربي، وهم أولئك الأسرى الذين كانوا يقعون في أيدي القبيلة في حروبها مع القبائل الأخرى، وعنصر غير عربي، وهو أولئك الرقيق الذين كانوا يجلبون من البلاد المجاورة للجزيرة العربية.