وقد قلنا إن الصلات بين القبائل العربية كانت صلات خصام، ومن هنا كانت الحرب دائما قائمة بينها، "وكان سبي الرجال والنساء على السواء أمرا أساسيا في كل غارة"1، ومن الطبيعي أن يكون تعرض النساء للسبي أكثر من تعرض الرجال2، فإن ضعف المرأة في هذه الحالة من الصراع المستمر في الجزيرة العربية يجعلها دائما في مركز الضحية3. وبقدر ما كان العربي يأنف من قتل سبيته لما فيه من نزول بمروءته، كان حرصه على سبي أكثر عدد ممكن من النساء لأن في هذا إهانة لأعدائه. وقد كان يحدث أحيانا أن يفاجأ كل نساء الحي، وهم خلوف، فيؤخذن سبايا4. ومن هنا "كانت حماية النساء والأطفال خطة أساسية في فنهم الحربي"5، ومن هنا أيضا كانت المقدرة على حماية "الظعينة" عنصرا أساسيا من عناصر البطولة العربية جعلهم يطلقون على بعض أبطالهم لقب "حامي الظعينة" أو "فارس الظعينة"6.
وقد كان يحدث أحيانا أن تبيع القبيلة أساراها، فقد اشتعلت حرب بين لحيان وخناعة "فكان بعضهم لا يزال يغزو بعضا، فإذا أصابت بنو لحيان من خناعة أحدا باعوه"7، وكان زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قضاعة "أصابة سباء في الجاهلية لأن أمه خرجت به تزور قومها