بدون أن تتعرض وحدتها للتداعي، أو يخلع هو نفسه، فيفر من قبيلته نجاة بحياته. وعلى كلا الوجهين تكون القبيلة قد تصرفت في حدود "دستورها" الذي ينص على أنه "يجب على أهل القاتل ألا يحموه إذا قتل أحدا من دمه"1، وذلك لأن رابطة القبيلة أقوى من رابطة الأسرة2.

وقد يحدث أن تتعدد جرائر أحد أفراد القبيلة حتى تجد نفسها عاجزة عن نصرته؛ لأن في هذا تكليفا لها لا تطيقه، وعبئا ثقيلا عليها تنوء به، وتهديدا دائما لسلامتها، وإراقة لدماء أبنائها بدون مبرر، فتضطر إلى التخلص من هذا الفرد، مفضلة أن تضحي بفرد واحد على أن تضحي بجماعة من أفرادها، ملقية عليه تبعات جرائمه، يتحملها هو وحده، فتخلعه3.

وقد يحدث أن يسوء سلوك أحد أفراد القبيلة من الناحية الخلقية، حتى يصبح وجوده بينها وصمة في جبينها، وسبة في مجدها وشرفها، وحطا من قدرها بين القبائل، فترى أنها أمام عضو فاسد لا يرجى إصلاحه، ضرره أكثر من نفعه، فتتبرأ من نسبته إليها، حرصا على سمعتها، وإبقاء على كرامة المجموع من أن يسيء إليها فرد، فتخلعه4.

هذه أهم الجرائم التي كانت القبيلة تحكم على من يرتكبها من أفرادها بالخلع، وهي كلها تدور حول محور واحد، هو خروج الفرد على وحدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015