منها، ففي أخبار الأعلم الهذلي أنه خرج "هو وأخواه صخر وصخير حتى أصبحوا تحت جبل يقال له السطاع"1، وهو جبل بينه وبين مكة مرحلة ونصف من جهة اليمن2، وفي أخبار بعض الصعاليك الهذليين أنهم كانوا يغيرون على خزاعة3، وكانت خزاعة تقيم بمكة4، ولكن يبدو أن للمسألة جانب آخر اقتصاديا سنحاول استجلاءه في تفسيرنا الاقتصادي لظاهرة الصعلكة.

وقد كانت بين هذيل وفهم ثارات5، فكان صعاليك كل من القبيلتين يغيرون على الأخرى، فيتربص بهم صعاليكها، وهكذا. وبيدو أن سر المسألة يرجع إلى الصراع بين الطائفتين على أهداف واحدة، وقد رأينا أن صعاليك هذيل كانوا يغيرون على بجيلة، هدف صعاليك فهم الأول، ويبدو أن كلا من لطائفتين كانت تريد أن تكون لها وحدها السيطرة المطلقة على هذه المنطقة الخصبة.

أما منطقة اليمن فقد عرفت أجزاؤها القريبة من الحجاز، وبخاصة ديار خثعم، صعاليك من فهم وصعاليك من الأزد، ففي أخبار تأبط شرا أنه "أغار على خثعم"6، وفي أخبار حاجز الأزدي أنه جمع "ناسا من فهم وعدوان، فدلهم على خثعم، فأصابوهم غرة وغنموا ما شاءوا"7، وكانت خثعم تنزل تربة وبيشة وظهر تبسالة على محجة اليمن من مكة إليها8، وهي منطقة خصبة "بها من النخل والفسيل شيء كثير"9، وبعض أوديتها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015