وقد قدمنا أن قبيلة هذيل كانت تنزل من تلك المنطقة الجيال جنوبي مكة، وكان لهم صدور أوديتها وشعابها الغربية1 التي تلي الرملة من تهامة2، وكانت تجاورهم في جبالهم فهم3، وكانت سراة فهم تجاور سراة ثقيف4 التي تقع إلى جانب الطائف5.
وقد اتجهت أكثر غزوات صعاليك هذه المنطقة إلى ديار بجيلة، وهي إحدى القبائل التي عرفت بالضعف6. ويبدو أن من أسباب هذا نزول بجيلة "في حضرة الطائف"7 هذا الأقليم الشديد الخصب، ومجاورتها سراة فهم نتيجة لذلك. ولهذا نلاحظ أن تابط شرا الفهمي، ورفاقه من صعاليك فهم، ومن شذاذ القبائل الذين كانوا يصحبونه، كانوا مفتونين بالإغارة على هذه المنطقة، ففي أخباره أنه خرج في عدة من فهم "حتى بيتوا العوص، وهم حي من بجيلة، فقتلوا منهم نفرا، وأخذوا لهم إبلا"8، وأنه أغار "ومعه ابن براق الفهمي على بجيلة فأطردا لهم نعما"9، وأنه خرج ومعه صاحبان له "يريدون الغارة على بجيلة"10، و"أنه خرج غازيا يريد بجيلة فأخذوا نعما لهم"11، وفي أخبار صعاليك هذيل أنهم كانوا يغزون بجيلة أيضا12.
وقد اتجهت غزوات صعاليك هذيل إلى منطقة مكة أيضا، بحكم قربهم