لا يطاق، وذلك لأنها لا تبعد عنها أكثر من سبعين ميلا1، ولم يكن الطائف مصيف أهل مكة وحدهم، وإنما كانت مصيفا لغيرهم من القبائل حتى البعيدة عنها، فقد كانت بعض القبائل تقبل إليها من نجد، كما كان يفعل بنو عامر بن صعصعة الذين كانوا يتصيفونها "لطيبها وثمارها، ويتشتون بلادهم من أرض نجد"2، وتقوم الطائف قريبا من ربوة من تلك الربى الخصبة3 فوق تلال غزوان4، وتلتف بها الجنات والكروم5، وشهرة كرون الطائف وأعنابها شهرة قديمة عرفت بها6. ومن مصادر خصب الطائف الأساسية وفرة المياه فيها "فالأمطار الموسمية تدوم بها من أربعة أسابيع إلى ستة، وعندما تنقطع تكثر الآبار التي تصلح لسقي حدائقها"7، هذا إلى طبيعة جوها الذي يساعد على نمو كل الفاكهة التي يعرفها جنوبي أوربا8، فالحرارة في أوقات الظهيرة ليست ثقيلة، والليالي ذوات جو منعش9.
ومن مناطق الخصب في الجزيرة العربية أيضا يثرب والوديان التي حولها، فقد اشتهرت الوديان الواقعة في هذه المنطقة البركانية، منطقة الحرات، بخصبها الشديد بالنسبة إلى ما حولها10. ومرد خصب هذه المنطقة إلى أمرين: طبيعة الأرض، فإن تفكك الصخور البركانية فيها يحفظ على الأرض خصبها، ثم وفرة المياه، فهناك وادي إضم، والآبار، والصخور البركانية التي تجمع