ولا تخلو سلسلة جبال السراة التي تمتد على طول الساحل الشرقي للبحر الأحمر "ما بين أقصى اليمن والشام"1 من مناطق خصبة، هي بعض تلك الأودية التي تقطع السراة إلى تهامة حتى تنتهي إلى البحر2، حتى لنجد أن اسم واحد منها "وادي الجناب" وهو -كما يدل عليه اسمه- واد شديد الخصب3، وهناك من هذه الأودية الشديدة الخصب وادي نخلة4، ووادي نحيان5، ويصف الهمداني سراة الحجر بالخصب الشديد6.

ووفقا لقانون جغرافي تعرفه البادية يجعل من مناطق الخصب والماء مناطق استقرار للقبائل، نزلت القبائل في هذه الأودية الخصبة، وأقاموا القرى، ففي وادي باحان "القرى والزرع"7، وبالقرب من وادي الجناب قرية النبيرة وهي "كثيرة الأعناب والفواكه والغيول الحاملة"8.

حتى الحجاز -ذلك الإقليم الجبلي الرملي- يشتمل على بقاع خصبة، هي تلك الكثبان والربى الخصبة التي تتخلله، والتي تخرج سفوحها حبا، وشيئا من الفاكهة، وكلأ للقطعان، وينابيع من ماء دائم9، ووفقا لقانون البادية الجغرافي السابق اتخذت القبائل من هذه الكثبان والربى الخصبة منازل لها، ومن حولها قامت القرى10، وحسبنا أن نذكر من هذه القرى الطائف "جنة مكة"11 "ومصيف المكيين المترفين"12 حينما يشتد بهم صيف مكة الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015