عن هدفهم الذي يسعون إليه إلا الموت، يقول تأبط شرا مصورا صدق عزيمته وقوة نفسه:
وكنت إذا ما هممت اعتزمت ... وأحر إذا قلت أن أفعلا1
وإذا كانت الحياة قد قست عليهم فإنهم لن يستكينوا لها، وإذا كانت تعمل على إخضاعهم وإذلالهم فإنهم سيقفون في وجهها، ويتحدونها، ويشنون عليه حربا لا هوادة فيها، وإذا كانت قد ألقت بهم في الرغام فإنهم سينهضون برغم كل شيء. ولعل هذا البيت الذي قاله أبو خراش الهذلي الصعلوك في رثاء أخ له يعبر تعبيرا دقيقا عن تلك القوة النفسية التي كان يتمتع بها كل صعلوك من صعاليك هذه الطائفة:
ولكنه قد نازعته مجاوع ... على أنه ذو مِرَّة صادق النهض2
هكذا كانت نفسية هؤلاء الصعاليك، كل منهم "قد نازعته مجاوع"، ولكن كلًّا منهم "ذو مرة صادق النهض".
ومن عناصر قوتهم النفسية أنفتهم من القيام بتلك الأعمال التي يصح أن يطلق عليها "الأعمال الفرعية في المجتمع القبلي"، وهي تلك التي كان يقوم بها العبيد وأشباههم، ويأنف السادة من القيام بها، كخدمة الإبل والقيام بأمرها3. ويصرح تأبط شرا بترفعه على هذه الأعمال الفرعية وبأنه يأنف من القيام بها:
ولست بترعي طويل عشاؤه ... يؤنفها مستأنف النبت مبهل4