وفيم الخشية من الموت؟ إن كل حي ملاقيه، سواء من خاطر بنفسه ومن أحجم، بل إن الموت قد يصيب المتخلف في أهله وينجو منه المغامر المخاطر:
أرى أم حسان الغداة تلومني ... تخوفني الأعداء والنفس أخوف
لعل الذي خوفتنا من أمامنا ... يصادفه في أهله المتخلف1
ومهما يمد الله في عمر الإنسان فالموت في انتظاره مشرعة أسنته:
وإني، وإن عمرت، أعلم أنني ... سألقى سنان الموت يبرق أصلعا2
فالموت نهاية كل حي، لن ينجو منه أحد مهما يحط نفسه بأبواب قوية وحراس أشداء:
لو كنت في ريمان تحرس بابه ... أراجيل أحبوش وأغضف آلف
إذن لأتتني حيث كنت منيتي ... يخب بها هاد بأمري قائف3
وهي ميتة واحدة يلقاها الإنسان ثم لا تتكرر:
دعيني وقولي بعد ما شئت، إنني ... سيُغْدَى بنعشي مرة فأغيب4
ثم ما الذي يغري الصعلوك على التمسك بالحياة والحرص عليها؟ إن إحدا لا يرغب في حياته، وإن أحدا لن يبكي عليه بعد موته. إنه يعيش وحيدا، ويموت وحيدا:
إذا ما أتتني ميتتي لم أبالها ... ولم تذر خالاتي الدموع وعمتي5
وصعاليك هذه الطائفة جميعا ذوو عزيمة قوية صادقة، لا يثنيهم شيء