وتجر مجرية لها ... لحمي إلى أجر حواشب1

ثم يصف هذه الضباع وجراءها، وكيف تنزع جلد المرء نزعا شديدا، ولا يكاد ينتهي من رسم هذه الصورة المفزعة لمصيره لو قتل، حتى يعود لذكر عدوه في شدة الحر، ولكنه لا يبالي بشيء من هذا، فقد اقترب من منطقة الأمان، ولاحت لعينيه منازل السلامة، وهنا فقط يذكر أهله وفقرهم، وأولاده الصغار وحاجتهم، كأنما يؤنب نفسه التي أغرته بالفرار والهرب دون أن يحقق شيئا من أهدافه:

حتى إذا انتصف النها ... ر وقلت يوم حق ذائب

رفعت عيني الحجا ... ز إلى أناس بالمناقب

وذكرت أهلي بالعرا ... ء وحاجة الشعث التوالب

المصرمين من التلا ... د اللامحين إلى الأقارب2

ولا يجد حاجز غضاضة من أن يتحدث عن فراره إلى صاحبته الجميلة المتأنقة، وحسبه -وحسبها أيضا- أن نجا من أعدائه بعد أن كادوا يقتلونه:

ألا هل أتى ذات الخواتم فرتي ... عشية بين الجرف والبحر من بعر

عشية كادت عامر يقتلونني ... لدى طرف السلماء راغية البكر3

وهو ينهزها فرصة كغيره من الشعراء الصعاليك العدائين، ليتحدث عن سرعة عدوه التي تفوق سرعة الظبي الهارب من مطاردة طائر جارح له:

فما الظبي أخطت حلقة الظفر رجله ... وقد كاد يلقى الموت في حلقة الظفر

كمثلي أوان القوم بين معيع ... وآخر كالنشوان مرتكز يعزي3

طور بواسطة نورين ميديا © 2015